اللائحة التنظيمية |
أما الحديث عن ما أسماه بعضهم بالنظام الأساسي، فهو موجع وفيه من الإجحاف ما لن أسكت عليه، وسأسوق الحقائق وعلى من يكذبني إثبات العكس ودحض ادعاءاتي، وما غادرنا ممن عايش تلك المجريات إلا القليل، ومعظمهم موجودون ويمكن إظهار كذب الكاذبين ومحق إفتراءات المفترين.ـ
كنت في ذلك الحين أطلب من أعضاء لجنة التسيير، كجزء من واجبهم لبناء الصرح، وكدليل على حسن ظني بهم، أن يوافني كل منهم بما يرى ملاءمته لتضمينه في مسودة اللائحة الإبتدائية، التي آليت على نفسي كرئيس للجنة التمهيدية أن يتم تقديمها كمسودة تطرح أمام جمعية عمومية لتعديلها ومن ثم إجازتها دستورا، ولكني أعترف آسفا أنه لم تكن هناك حياة لمن ناديت، فوجهت اهتمامي وخطابي لبقية الأعضاء، متخطيا أعضاء اللجنة، أستجديهم فكرة، مهما كان حجمها صغيرا، يوافوني بها، وأنا كفيل بطرحها في اللائحة للنقاش، ولم يكن ذلك لقصور في إمكانياتي، بل إني بحمد الله أزخر بما طاب وأثمر، والدليل ما أنجزت في تلك الأيام وحدي، ولكن كان ذلك حينها كي أعمم روح التشارك والعمل الجماعي، وحتى يحس كل فرد أنه قد أسهم في وضع لبنة ستبقى وإن ذهب، ولكن أتت النتيجة ثانية كأنما كنت أطرق حديدا باردا بمطرقة من خشب. لم يتقدم ولا شخص واحد، بمقترح صغير لأضمنه في اللائحة، ولا شخص واحد، وأعيدها مرات مؤكدة، ولا شخص واحد، رغم ظني أن التجمع، في أول عهده كان يضم نخبا من الموسيقيين المتمرسين المهمومين بإنجاح مسيرة هذا الكيان، إلا أن واحدا منهم لم تراوده نفسه بتقديم فكرة تكون نواة لبند يساهم في رسم السياسات التي تحكم تطور كيان يضمه ويهمه ويمثله.ـ
أخيرا أكملت وحدي مسودة اللائحة التي أزمعت تقديمها للجمعية العمومية، كالإنجاز الذي يخول اللجنة التمهيدية القول هاؤم إقرأوا كتابيا، وبعدها يتنحون لمن يواصل المسيرة.ـ
أود هنا أن يكون حديثي واضحا لا لبس فيه، فقد وضعت"مسودة اللائحة التنظيمية" بكاملها بمفردي، حتى اكتملت وآن أوان تقديمها للمناقشة، دون مساعدة من أي كان ودون مشاركة مهما صغرت، ولم يكن لأفراد لجنة التسيير ولا لأعضاء التجمع أفرادا أو مجتمعين أي دور، إلا في جعلي أحس بالإحباط الذي تطور حتى صرت أستصغر شأنهم جميعا، وأفقد ما تبقى من احترامي لهم، لعدم مشاركتهم في شيء كنت أظنه واجبهم، ولكنهم لم يقدموا لا القليل ولا الأقل، ولم يضف أيهم حرفا واحدا في تفاصيل البنود التي سهرت الليالي أضعها وأنقحها، والتي أسوق، إحقاقا للحق وتوثيقا للواقع الذي حدث، أن السيدة المحترمة زوجتي، وهي ذات خبرة وتمرس بعمل النقابات والإتحادات بالسودان، كان لها اليد الطولى في مراجعة ما اقتبست وتصحيح ما ارتجلت، وكان لنقاشها المطول معي في كل تفاصيل مسودة اللائحة، فضل صقلها وشمولها كل النواحي، حسب ظني، رغم أنها بالطبع لم تكن عضوا بالتجمع ولم تكن مسئولة عن تقديم ما قدمت من عطاء لا يعلم به غيري.ـ
وزعت صورة المسودة المكتملة للائحة على أعضاء اللجنة ليراجعها كل منهم على حدة، ويحدد مرئياته، كي نستطيع أن نناقشها سويا، لإضافة أو استبعاد ما يرون، قبل عرضها على الجمعية المزمعة، وقد كانت تلك بمثابة الفرصة الأخيرة التي قدمتها لأعضاء اللجنة للإدعاء أن أيا منهم قد شارك في وضع دستور التجمع، لو قدم لي أي منهم سطرا مكتوبا أو تعليقا شفويا، وكانت مني بمثابة إصرار ما زال يؤرقني، على مشاركتهم في إرساء الدعامات الأساسية لبناء يجمعهم ويوحد نشاطهم، ولكنهم أضاعوها مجتمعون، ولا يمكن أن يكون من لم يشارك ولو بحرف هو مبتدع الشيء وإن قدمه بإسمه، إلا تجنيا وتغولا.ـ
وضعت اسمي والفترة الزمنية التي استغرقها مني إكمال العمل، وهي (26 يناير --- 4 أبريل 2002م)، ضمن المقدمة، ولو كان قد شارك في هذا العمل فرد آخر غيري لما تجرأت وأهملته ووضعت اسمي وحيدا، وأضفت كحسن تقدير وإحترام مني للجنة التي أترأس، مقدمة بالصفحة الأولى ذكرت فيها، تجاوزا وتنازلا مني، وليس واقعا بمعنى المشاركة، ما نصه "تتكون اللجنة المؤقتة التي وضعت الأساس لهذا الدستور من" وأدرجت أسماء أعضاء اللجنة المؤقتة آنذاك، والأسماء كانت (هاشم خوجلي محمد، رئيسا - محمد علي البصير، سكرتيرا - عوض يوسف محمد، مسئولا ماليا - علي يعقوب كباشي، مسئولا فنيا - كمال محمد عمر، مسئول تعاقدات - زكي عبد الكريم، مسئول علاقات عامة). والحق أن لجنة التسيير تلك لم تكن تعلم عن ما حوته اللائحة أكثر من علم بقية الأعضاء، رغم أني سلمت بيدي كل عضو فيها نسخة لمراجعتها، إذ بت واثقا أن أحدا منهم لم يقرأ حرفا منها.ـ
ولكني على ثقة أن بعضهم كان حريصا على الإحتفاظ بالنسخة التي وزعت لهم، فاحتفظ بها لاستخدامها عند الحاجة، وهي ذات النسخة التي استخدموها لاحقا، وبعد سنوات عديدة من ذهابي، كأساس قدموه للسفارة السودانية بمدينة الرياض للتصديق عليه كدستور دائم للتجمع، وقد تمت إزالة إسمي كليا عنه، وأزالوا الإشارة للجنة التمهيدية التي تم العمل تحت لوائها، وهي لجنة التسيير الأولى، كما تم تشويه ما ابتدعت من نصوص وتحريفها والتلاعب بتفاصيل البنود الداخلية بها، ما شاء لهم ذلك إذ قد غاب الرقيب، ولا يسعني أن أصدق أن واحدا ممن عرفت منهم يملك ما يكفي من البيان للإتيان بسطر واحد يرقى لما أعطيتهم من عصارة فكري وجهدي وخبرتي، رغم استعانتهم بمن أسموه خبيرا قانونيا.ـ
أعلم أن هذا العمل كان من صميم واجباتي ومهامي كرئيس للجنة المسيرة، ولكن هل علم بقية الأعضاء أنه كان واجبا مشتركا يقع على كل اللجنة، رئيسا وأعضاء؟، بل هو يشمل كل أعضاء التجمع أفرادا، فقد كان عملا جماعيا قمت به فردا، فلا يتوقعن أحد أن ألزم الصمت حين ينشر نص باسم التجمع، في موقع علني، بتوقيع أحد مسئولي التجمع، ويوجه خطابه لجميع أعضاء التجمع، ولكل من يعرف التجمع، أو من يقرأ عن التجمع، بالرياض أو المملكة أو بالسودان أو شتى بقاع العالم، يقول فيما يقول ما نصه "تم وضع النظام الأساسي (الدستور)"، كأنما هذا النظام قد تم وضعه من قبل قوى خفية لا قبل لنا بها، أو لا نستطيع ذكرها جهارا، ولو أراد الكاتب تحري الحقيقة أو الدقة لقال مثلا "وقد أتم رئيس لجنة التسيير (هاشم خوجلي) وضع النظام الأساسي (الدستور)"، حتى يتأكد أنه يوصل المعلومة الصحيحة لكل الأعضاء وكلهم يعلم أنه لم يشارك فيه بحرف واحد.ـ
هذا تغول ومجافاة للحقيقة يدفعني احترامي لذاتي وعلو تقييمي لجهدي وحسن تقديري لإنجازاتي، للمطالبة بإثبات حقي فيه، وهو كله حق لي، بل يخولني اقتلاع هذا الحق إن دعى الحال، وهو حق إكتسبته بجهدي الخالص، لم ولن يشاركني فيه مشارك.ـ
خفقات الوجدان |
إنتقل إلى صفحة |