ولكن كيف عرف النقاد ان هذه العزة الأسطورة هي الوطن؟. ليس مضمون الشعر فقط هو الذى يقول ذلك، إنما قالها الخليل صراحة فى قصيدته "الداء العضال"، إذ يقول في بعضها
قالوا كل وأعياه النضـال وأنتهـك لقـواه الشجن أصلو تايه ومن يومه ضال فى خياله طيور بلهجن قالوا هام فى الغادة أم حجال عـزة ذات التيه والعجن نافرة منه وضاق به المجـال وين يقَبّـِل ده ليلـه جن لوتفكـر يـا ذا الفضــال أوتصيب بعـض الفتـن هوما تـايه ومـن يومه ضال وعزة يا فـاو هىّ الوطن والفاو هو الأجوف لحن عازة قدم د. عبد الله ابراهيم، أوركسترا الاذاعة السودانية، للحن عازة روايتين الرواية الأولى أنه انشاها فى مصر فى أواخر العشرينات وكان نزيل المستشفى وأخذ لحنها من التراث الشعبى، ففى القصص الشعبى ان إحدى حسناوات دارفور زوجت من رجل مسن رغم إرادتها، فكرهته ونظمت أغنية تناشد فيها أمها أن تطلقها منه لكرهها له وتريد أن تتزوج من تحب، تقول يا ايه راعى ليه عشان هواك دا تموت بلا درية الكركدى مابقوم حلونى من جقود يا رجال الله جقود مسك ايدى طارت بقاق عينى للمنقو اب جلدا رقاق ولحن هذه الاغنية هوأساس لحن أغنية عزة فى هواك والرواية الثانية أنه إبان فترة مرض الخليل سمع فرقة موسيقى كشافة الجالية النوبية تمر أمام المستشفى وكانت تعزف اللحن المعروف ود الشريف رايه كمل جيبه لى شالايته من دار قمر فاستهوى اللحن الخليل فاقتبسه. تبقى كلها روايات ينقصها التأكيد وإن دلت فإنما على عبقرية هذا الرجل الفنان كيف غنى الخليل عازة (رواية السر عبدالله لصديقه الفنان التاج مصطفى 1948م) خلال وجود خليل بمصر للعلاج عرض على سرور أن يسجل له أغنيته الجديدة "عازة في هواك" بصوته على أسطوانة عند شركة بيضافون. وافق سرور وبدأ بالبروفات ومعه صاحبه السر عبدالله عازف الكمان، ولكن سرور سافر فجأة في يوم التسجيل إلى الإسكندرية لأسباب غير معروفة عرض مدير الشركة بعد أن استمع إلى صوت خليل أن يقوم هونفسه بتسجيل الأغنية. وعلى خلاف عادته، إذ كان لا يغني إلا ضمن نطاق ضيق من المستمعين الأصدقاء، أقدم خليل على تسجيل الأغنية بصوته، خاصة بعد أن بدأ يعانى من صعوبات مادية نتيجة العلاج المكلف، وكانت "عازه في هواك" التي قلبت موازين الغناء السوداني واختطت نهجا فريدا لكل آت من بعدها |
الكل يتغنى بعازة فى هواك والكل يظن أن عازة هى فقط إسم يرمز للسودان والوطن، ولكن وللحقيقة، من هى عازة؟
عازة محمد عبد الله، هى زوجة البطل على عبدللطيف حيث تزوج بها عام 1916م. واشتهرت العازة بأنها أول إمراة سودانية تشارك فى النشاط السياسى بالمعنى الحديث. والد عازة، محمد عبد الله الدنقلاوى، من الخنادقة وكان يعمل فى صناعة المراكب وأمها، فاطمة محمد من أصل دينكاوى. عاشت فاطمة أم عازة فى حى الكارا فى أمدرمان حيث رزقت بعازة وافترقت من زوجها إثر خلاف حول مكان البقاء، حيث أرادت فاطمة البقاء فى أمدرمان، بينما أراد زوجها الرحيل إلى الخندق تزوجت فاطمة من إبن خالتها بحر الوادى وانتقلت معه إلى منطقة برى بالخرطوم ومعها ابنتها عازة حيث التقى على عبد اللطيف بعازة. كان على وعازة ينتميان من جهة الأم إلى قبيلة الدينكا، أما من جهة الأب فكان على من أصل نوباوى وعازة خندقية دنقلاوية. ثم تزوج على من عازة وانتقلا إلى تلودى بجبال النوبة فى 1916م ضمن الأورطة الحادية عشر ثم إلى الفاشر بدارفور ضمن الأورطة التاسعة وفى العام 1918م رزقا بمولودتهما الأولى نعمات ثم بستّنا دخلت عازة فى النشاط السياسى تدريجيا حيث لم يكن لها فى البداية أى اهتمام بها ثم انغمست فى مهمة حفظ الوثائق السرية والاتصال مع عبيد حاج الأمين. تم نقل على من السودان إلى مصر فى مايو1938م سرا ودون علم عازة بزعم أنه مجنون. وتقدمت عازة بطلب لإطلاق سراحه ولكنه رفض، وتوفى على عبداللطيف فى أكتوبر 1948م وفاة طبيعية وعند قيام الثورة المصرية فى بداية 1952م أمر محمد نجيب بترحيل جثمان على من المقابر العادية التى دفن فيها إلى مقابر الشهداء وأقيم حفل تابين كبير دعيت له العازة ومنحت معاشا سنويا حتى وفاتها عام 1987م، وبذا كان أول تكريم لها من مصري رغم هناتهم المعلومة، كما كرم نميرى، رغم سيئاته الكثر، من شاركوا فى ثورة 1924م وكانت العازة من ضمنهم. اصبحت عازة رمزا لكل عزيز وغالي وشعارا لكل محب، وكان التغنى بعازة بقصد أننا يا العزة لن نتزحزح عن المبادى التى أرادها وسعى لها زوجك البطل المناضل على عبداللطيف كلمات عزة نظم خليل فرح قصيدة "عزة" فى أواخر العشرينات من القرن الماضى وكان نزيل مستشفى المواساة بالإسكندرية، والقصيدة رمزية وطنية، وتجئ فى خمسة عشر بيتا ملتزمة بلزوم ما لا يلزم، ما عدا المقطعين الثانى والثالث، وهذا يعد مألوفا فى الشعر الغنائي آنذاك قال خليل فرح عزة فى هواك نحن الجبال وللبخوض صفاك نحن النبال وقد صب فيها جل حبه لوطنه وقال معبرا عن حبه لعزة عزة فى الفؤاد سحرك حلال ونار هواك شفا وتيهك دلال ودمعى فى هواك حلوكالزلال تزيدى كل يوم عظمة ازداد جلال |
وأدرج هنا ما ذكره بروفيسور علي المك في تحقيقه لديوان خليل فرح عن قصيدة عزه في هواك
أنشأها بمصر أخريات العشرينات وكان نزيل مستشفى المواساة بالإسكندرية بمصر آنئذ، وفي القصص الشعبي أن إحدى حسناوات دارفور زوجت رجلا مسنا رغم إرادتها فكرهته، ويحكى أنها نظمت أغنية تناشد أمها أن تطلقها منه إذ هي تبغضه وتريد أن تتزوج من تحب، وتخاطب أمها تقول
يا إيه راعي ليه *** عشان هواك داك *** بموت بلا دريه
وإيه تعني أمي، ثم تشير إلى أن هذا العجوز لن يبلغها ما تطمح إليه من نجابة الولد إذ أن الكركدي لا ينبت غلة أو قمحا أو ذرة، وجقود هو الواهن الضعيف، تقول
الكركدي ما بقوم غله *** حلوني من جقود *** يارجال الله
ويبلغ اليأس بها مداه فتهجو العجوز
جقود مسك إيدي *** طارت بقاق
عيني للمنقو *** أب جلدا دقاق
والمنقو هو الشاب القوي المرتجى والمشتهى
ولحن هذه الأغنية هو أساس لحن أغنية عزه في هواك
وروي أيضا أن الخليل إبان فترة مرضه تلك سمع فرقة موسيقى كشافة الجالية النوبية وهي تمر أمام المستشفى وكانت تعزف اللحن المعروف
ود الشريف رايه كمل *** جيبه لي شالايته من دار قمر
فاستهوى اللحن خليلا فاستحسنه واقتبسه، ولا نرى هناك تناقضا بين القصتين إذ كلتاهما تشير إلى أن اللحن مصدره الإبداع الشعبي
الأسطوانة المسجلة بصوت "خليل فرح" لا تحوي النص الكامل للأغنية، وربما اضطره لحذف طرف منها أن الزمن الذي تستغرقه الأسطوانة لا يسمح بتسجيل القصيدة كلها
مأخوذ دون تصرف من حاشية تحقيق علي المك لديوان خليل فرح
أنشأها بمصر أخريات العشرينات وكان نزيل مستشفى المواساة بالإسكندرية بمصر آنئذ، وفي القصص الشعبي أن إحدى حسناوات دارفور زوجت رجلا مسنا رغم إرادتها فكرهته، ويحكى أنها نظمت أغنية تناشد أمها أن تطلقها منه إذ هي تبغضه وتريد أن تتزوج من تحب، وتخاطب أمها تقول
يا إيه راعي ليه *** عشان هواك داك *** بموت بلا دريه
وإيه تعني أمي، ثم تشير إلى أن هذا العجوز لن يبلغها ما تطمح إليه من نجابة الولد إذ أن الكركدي لا ينبت غلة أو قمحا أو ذرة، وجقود هو الواهن الضعيف، تقول
الكركدي ما بقوم غله *** حلوني من جقود *** يارجال الله
ويبلغ اليأس بها مداه فتهجو العجوز
جقود مسك إيدي *** طارت بقاق
عيني للمنقو *** أب جلدا دقاق
والمنقو هو الشاب القوي المرتجى والمشتهى
ولحن هذه الأغنية هو أساس لحن أغنية عزه في هواك
وروي أيضا أن الخليل إبان فترة مرضه تلك سمع فرقة موسيقى كشافة الجالية النوبية وهي تمر أمام المستشفى وكانت تعزف اللحن المعروف
ود الشريف رايه كمل *** جيبه لي شالايته من دار قمر
فاستهوى اللحن خليلا فاستحسنه واقتبسه، ولا نرى هناك تناقضا بين القصتين إذ كلتاهما تشير إلى أن اللحن مصدره الإبداع الشعبي
الأسطوانة المسجلة بصوت "خليل فرح" لا تحوي النص الكامل للأغنية، وربما اضطره لحذف طرف منها أن الزمن الذي تستغرقه الأسطوانة لا يسمح بتسجيل القصيدة كلها
مأخوذ دون تصرف من حاشية تحقيق علي المك لديوان خليل فرح
الأبيات التالية ليست مغناة في التسجيل الأصلي
بصوت الخليل عازة ما بنوم الليل محال وبحسب النجوم فوق الرحال وخلقة الزاد كمل وأنا حالي حال متين أعود وأشوف ظبياتنا الكحال عازة شفتي كيف نهضوا العيال جددوا القديم وتركوا الخيال روحك أم سماح سري كالسيال شجوا الفؤاد حيوا محسور الليال |
|
النص الكامل لمعجزة
عازة في هواك عازة في هواك نحن الجبال وللبخوض صفاك نحن النبال عازه ما سليت وطن الجمال ولا أبتغيت بديل غير الكمال وقلبي لي سواك ما شفتو مال خذيني باليمين أنا راقد شمال عازة في الفؤاد سحرك حلال ونار هواك شفا وتيهك دلال ودمعي في هواك حلو كالزلال تزيدى كل يوم عظمة ازداد جلال عازة جسمي صار زي الخلال وحظي في الركاب صابه الكلال وقلبي لسه ما عرف الملال أظنه ود قبيل وكريم الخلال عازة ما نسيت جنــة بلال وملعب الشباب تحت الظلال ونحن كالزهور فوق التلال تشابي ليك نجوم وانا ضافر الهلال عازة ما أشتهت نوم الحجال ولا السوار بكي وفي يمينا جال وعازة في الفريق لي ضيق مجال قبيلة بت قبيل ملأ الكون رجال عازة في حذا الخرطوم قبال وعازة من جنان شمبات حبال وعازة لي ربوع ام در جبال وعازة في الفؤاد دوا بشفي الوبال |
بعض الموضوع مقتبس من ما نشر أسامة أحمد نور الدائم في شبكة ناوا، منتدى عروس النيل، وقد تصرفت في النص المنثور دون التأثير على المعلومة، والبعض منقول من تحقيق د. علي المك لديوان الخليل دون أدنى تصرف