تاريخ بري المحس
حي سوداني عريق من أحياء مدينة الخرطوم، وهو أقدمها، بل يسبق قيام المدينة، فقد قامت المدينة العاصمة على آثاره
إن بري المحس هي أقدم وأعرق مناطق العاصمة السودانية الخرطوم. ويشمل إسم البراري فضلا عن بري المحس، بري الدرايسة وبري أبوحشيش وبري اللاماب. ومنطقة البراري هي الأقدم في الخرطوم بلا منازع، بيد أن بري المحس هي الأقدم بين كل أحياء البراي وبين كل أحياء الخرطوم قاطبة. وإسم الحي يتكون من شقين "بري" وهي مشتقة من بر توتى، و"المحس" وهم الإثنية التي شكلت سكان توتي، وتشكلت منها بري المحس. وقد عرف المحس في تاريخ النوبيين في السودان القديم من نحو 5,000 عام. وهاجر النوبيون لخارج مناطقهم منذ قديم الزمان، وحين فضل بعضهم الانتقال من جزيرة توتي إلى البر المقابل، وهو الخرطوم، بسبب زراعتهم والتوسع الأسري الممتد، أنشأوا في ذلك البر الذي كان إذ ذاك عبارة عن مستنقع وغابة، حلة "أرباب العقائد"، كأول حلة مأهوله في المنطقة، وذلك حوالي عام 1470م، وهي ما صارت لاحقا "بري المحس"، وما قامت عليه مدينة الخرطوم الحالية
إن بري المحس هي أقدم وأعرق مناطق العاصمة السودانية الخرطوم. ويشمل إسم البراري فضلا عن بري المحس، بري الدرايسة وبري أبوحشيش وبري اللاماب. ومنطقة البراري هي الأقدم في الخرطوم بلا منازع، بيد أن بري المحس هي الأقدم بين كل أحياء البراي وبين كل أحياء الخرطوم قاطبة. وإسم الحي يتكون من شقين "بري" وهي مشتقة من بر توتى، و"المحس" وهم الإثنية التي شكلت سكان توتي، وتشكلت منها بري المحس. وقد عرف المحس في تاريخ النوبيين في السودان القديم من نحو 5,000 عام. وهاجر النوبيون لخارج مناطقهم منذ قديم الزمان، وحين فضل بعضهم الانتقال من جزيرة توتي إلى البر المقابل، وهو الخرطوم، بسبب زراعتهم والتوسع الأسري الممتد، أنشأوا في ذلك البر الذي كان إذ ذاك عبارة عن مستنقع وغابة، حلة "أرباب العقائد"، كأول حلة مأهوله في المنطقة، وذلك حوالي عام 1470م، وهي ما صارت لاحقا "بري المحس"، وما قامت عليه مدينة الخرطوم الحالية
تقع بري المحس الأصلية في شرق الخرطوم، ويحدها شمالا نهر النيل الأزرق، ومن ناحية الشمال الغربي مباني محطة توليد الكهرباء، "بابور مويه"، أو ما يسمى بمحطة بري الحرارية، ومنازل أساتذة جامعة الخرطوم، ومن الغرب مباني قشلاق البوليس، والحدود الشمالية الشرقية لمطار الخرطوم، أما من الشرق فتحدها بري الدرايسة، ومن الجنوب ما كان يسمى بالدروة أو "ضرب نار"، وهو منطقة تمارين الرماية لأفراد الشرطة، وما تم تخطيطه لاحقا ليكون امتداد ناصر ثم الرياض والمنشية
أما ما تقاس به حدود بري المحس الآن فيلجأ إليه غير العارفين بتاريخ بري المحس خصوصا والبراري عموما، إذ يسمون مناطق وأسماء جاءت للحياة قبل ثلاثين أو أربعين سنة فقط، على أنها تحد حدود بري، وقد كانت في الأصل جزأ من بري المجس، وما وجودها كلها إلا نتاج عمليات خلع واستيلاء قسري من ملاكها وأصحابها الأصليين، سواء بطرق ألبست لباسا قانونيا، أو أخرى بالقوة والقهر، وبعد أن وقعت فأس الخراب تدميرا في كل مآثر السودان، ناهيك عن بري وحدها، فنبتت من العدم وانتشرت طفيليات إحتلت أفضل وأحسن المواقع دون وجه حق ولا عدالة، مثل كلية البوليس وجامعة الرباط وقاردن سيتي ومعرض الخرطوم الدولي، ويرجع السبب الرئيسي في تفاقم الأمر وضياع الحق، إلى عدم وقوف أصحابه في وجه المغتصب، وعدم توحدهم ورفضهم تنفيذ ما أتم الخلع
تتميز بري المحس بموقعها الإستراتيجي من بين أحياء الخرطوم لقربها من المرافق الحكومية والمؤسسات الكبرى في الدولة مثل القصر الجمهوري والوزارات ومطار الخرطوم الدولي وجامعة الخرطوم والقيادة العامة للجيش، رغم وجود الأخيرتين ضمن حدود الجغرافية لبري المحس
على الرغم من أن هذا الموقع المتميز جعل من برى المحس منطقة مستهدفه دائما من الحكومات المتعاقبة لنزع الأراضي التي تعود ملكيتها للسكان الأصليين، ومثال صريح لذلك كل المنطقة التي انشئت فيها كلية البوليس وحي قاردن سيتي ومعرض الخرطوم الدولي وبيوت اساتذه الجامعة وحتى قشلاق البوليس
إلا أن هذا الموقع المتفرد جعل من بري المحس الأكثر احتكاكا بالإنجليز والأكثر انفتاحا على حركة الحياة المعاصرة، فقد كان أهلها أول من تعلم تعليما حديثا متقدما منذ أوائل القرن الماضي، حيث التحق الكثير من أبنائها بالخدمة الحكومية وشكلوا أساسا للدولة الحديثة في السودان بقطاع "الأفندية". ولذا لم يكن غريبا أن ينخرط أبناؤها في العمل الوطني مبكراً ويساهموا في بلورة الوعي القومي السوداني، وقد جعل هذا الأمر من بري المحس قبلة لسكن الكثير من قيادات العمل الوطني منذ فترات ما قبل الإستقلال وحتى اليوم
أما ما تقاس به حدود بري المحس الآن فيلجأ إليه غير العارفين بتاريخ بري المحس خصوصا والبراري عموما، إذ يسمون مناطق وأسماء جاءت للحياة قبل ثلاثين أو أربعين سنة فقط، على أنها تحد حدود بري، وقد كانت في الأصل جزأ من بري المجس، وما وجودها كلها إلا نتاج عمليات خلع واستيلاء قسري من ملاكها وأصحابها الأصليين، سواء بطرق ألبست لباسا قانونيا، أو أخرى بالقوة والقهر، وبعد أن وقعت فأس الخراب تدميرا في كل مآثر السودان، ناهيك عن بري وحدها، فنبتت من العدم وانتشرت طفيليات إحتلت أفضل وأحسن المواقع دون وجه حق ولا عدالة، مثل كلية البوليس وجامعة الرباط وقاردن سيتي ومعرض الخرطوم الدولي، ويرجع السبب الرئيسي في تفاقم الأمر وضياع الحق، إلى عدم وقوف أصحابه في وجه المغتصب، وعدم توحدهم ورفضهم تنفيذ ما أتم الخلع
تتميز بري المحس بموقعها الإستراتيجي من بين أحياء الخرطوم لقربها من المرافق الحكومية والمؤسسات الكبرى في الدولة مثل القصر الجمهوري والوزارات ومطار الخرطوم الدولي وجامعة الخرطوم والقيادة العامة للجيش، رغم وجود الأخيرتين ضمن حدود الجغرافية لبري المحس
على الرغم من أن هذا الموقع المتميز جعل من برى المحس منطقة مستهدفه دائما من الحكومات المتعاقبة لنزع الأراضي التي تعود ملكيتها للسكان الأصليين، ومثال صريح لذلك كل المنطقة التي انشئت فيها كلية البوليس وحي قاردن سيتي ومعرض الخرطوم الدولي وبيوت اساتذه الجامعة وحتى قشلاق البوليس
إلا أن هذا الموقع المتفرد جعل من بري المحس الأكثر احتكاكا بالإنجليز والأكثر انفتاحا على حركة الحياة المعاصرة، فقد كان أهلها أول من تعلم تعليما حديثا متقدما منذ أوائل القرن الماضي، حيث التحق الكثير من أبنائها بالخدمة الحكومية وشكلوا أساسا للدولة الحديثة في السودان بقطاع "الأفندية". ولذا لم يكن غريبا أن ينخرط أبناؤها في العمل الوطني مبكراً ويساهموا في بلورة الوعي القومي السوداني، وقد جعل هذا الأمر من بري المحس قبلة لسكن الكثير من قيادات العمل الوطني منذ فترات ما قبل الإستقلال وحتى اليوم
أرجع بعض المؤرخين الأجانب تاريخ بري المحس إلى عام 1575م، وبعضهم أرجعه إلى 1474م، حيث أنشئت كقرية صغيرة على يد الشيخ "حتيك قسومة" على مثلث الضفة الجنوبية للنيل الأزرق، بين منطقتي انحنائه إلى الغرب حتى منطقة اقترانه بالنيل الأبيض. وفي ذات السنة تقريبا، أسس الشيخ "إبراهيم البداني" أو إبراهيم ولد توتي البداني، فريق البدناب في بري المحس، واستنادا على ذلك فإن المحس أسسوا حلة أرباب العقائد، وكان الفكي أرباب العقائد مستشارا لسلاطين الفونج في سنار، وقد توفي في سنار بينما كان في زيارة لها ودفن هناك. وخلفه ولده علي مواصلا إرث أبيه في التعليم الديني في مسجده وخلوته بمنطقة مقرن النيلين التي أسموها "حلة أرباب العقائد"، تيمنا وتبركا بمؤسسها، وقد تضمنت كامل المنطقة التي تحتلها الخرطوم الآن، من مقترن النيلين في أقصى الغرب، مرورا بمحطة السكة الحديد ومستشفى الخرطوم الحالي جنوبا، ثم شرقا حتى منطقة انحناء النيل في انسيابه غربا، وكان الحد الفاصل شمالا هو نهر النيل الأزرق، وقد أعمروها وقطنوها بعد أن كانت مستنقعا تغمره مياه النيل معظم العام، وغابة كثيفة الأشجار، وقد احتوت الحلة على ثلاثة تجمعات هي "الشقلة والخليلة والقطعية" ه
ولكن مما يدعو للأسف حقا اعتمادنا في كتابة تاريخنا على الأجنبي، الذي لا تهمه الدقة ولا يستند للروي الحقيقي، وندرة المكتوب الموثق بأقلام سودانية يهمها تدوين تاريخنا وحفظ موروث آبائنا وما أنجزوا لنا
ولكن مما يدعو للأسف حقا اعتمادنا في كتابة تاريخنا على الأجنبي، الذي لا تهمه الدقة ولا يستند للروي الحقيقي، وندرة المكتوب الموثق بأقلام سودانية يهمها تدوين تاريخنا وحفظ موروث آبائنا وما أنجزوا لنا