الأستاذ الشاعر
صلاح سيدأحمد الغول
مِن قبلِ لُقياكم دُهِشتُ بما حَكَوْا
ولقيتُــكم فازدَدتُ إدهاشــاً بِكُـم
صِـدقاً اخي هاشِـم لقَد أبهرتَني
وسَحرتني حتى ابتُليتُ بِحُبِّــكم
ورشَفتُ من دنِّ التّماهي علّني
أُعـدى بكم فسكِرتُ من آدابِكـم
ولِمستُ فيك سماحَةً ورَحـابَةً
ومهــــابةً لا تنبــــغي إلا لكُـــم
....
في رحاب دار الرّوائع .. مُبدعـين من كل لـون
بينَ صَـداحٍ و ســاجِع .. دغدَغوا الوترَ الحنون
وبى نغَم حالِـم ورائع .. طرّزوا الليل والسّكون
وهكذا الإبداع يكون
ليله مشهوده وعجيبه .. كانتْ أشبه بالخُرافه
كانتْ الأفـلاك قــريبه .. للأرض مافيش مسافه
دونمــا شَــكّ ٍ وريبه .. خـالده بل كانتْ إضـافه
وتبقى مرجع للفنون
ليله مافيش تاني أبدع .. زي عروس ليلة زفافه
والنّجاح فن التّواصل .. باختــــزالات المســـافه
والفلاح حُسن التّعامُل .. مهما كان قَدر الإضافه
ومثل هذا لن يكون
...................................................................................................
مَن أنا ؟
...
أنا روحٌ لها ألفا جَناحٍ
تُحَلِّقُ حُرَّةً بِرضىً ورِقَّه
أنا قلبٌ تَقَسَّمَ بالتَّساوي
ليُهدي كُلَّ مَن في الأرضِ خَفْقَه
أنا عِرْقٌ تَفَجَّرَ كي يُداوي
ويُعطي كُلَّ مُحتاجٍ لِدَفقَه
أنا إرثٌ لأيتامِ الوَفاءِ
لِمَنْ زَفَروا الرَّجا أَمَلٌ وشَهْقَه
أنا وطَنٌ وللأضَّادِ سَكَنٌ
لِمَنْ حُرِموا ومَن ورثوا المَشَقَّه
مصاريعي مُفَتَّحةٌ وقلبي
بِلا بابٍ يُكَلِّفُ نِصْفَ دَقَّه
إذا ضاقَ الشّيوعُ تقَسَّموني
فيأخُذُ كُلُّ مَن في الأرضِ حَقَّه
....................
\
اخترتُ لكَ من الفصيح
(1)
نَقْشٌ على
حواشي الخاطِرة
...............
رَهَقٌ وسراب
أتعبني الرّكضُ
فدعني
ألتَقِطُ الأنفاس
لأُجَمِّعَ فَضْلَ
رحيق الحِكمَةِ
مِن مُتأرِّجِ
وردِ الإحساس
وألُمَّ فُتاتَ الفِكرِةِ
مِن مُتناثِر
سَقْطِ ذكاءِ النّاس
وأعِرني
الرؤيَةَ والإزميلَ
ليَخْلُد فَنُّكَ
يا فِدياس
ولأنحتَ إبداعاً مُلهِم
أُهديهُ لأروِقَةِ
المِربَد ولِكُبرى
ساحاتِ يتوبيا
وأُلَوِّنَ أنفاسَ المشْهَد
وأُكَحِلَ عينَ
شموخِ الفِكرالحُرِّ الفَذّ
فلا تَرمَد
وأُزيّنَ جيدَ
حروفٍ
تحمِلُ جيناتي
وبِها تَصْعَد
لِتَزُفَّ الفِكرَةَ
للمَنطِق
ولكيما
فَجرُكَ يتجَدَّد
جَرِّدْ إزميلَكَ
يا فِدياسُ
وعَلِّمني
كي أنحتَ تمثالاً
لسُمُوَّ
ونُبْلِ الأخلاقِ
لربيعِ النّفسِ
لجَلوَتِها
لخريف
الأدَبِ الدَّفاقِ
أصقِلُهُ
ثُمَّ أُجليهُ
وبلونِ الحُبِّ
أُزَيِّنُهُ وأُجَمِّلُهُ
وأُوَشِّيهُ
أتَحَسَّسُ
خيط النّورِ
السّارِقِ جذوتَهُ
مِن ومْضِ عيونٍ
تشتعِلُ ذكاء
أتتَبّعُ دَفقَ النّبْعِ
السّاكِبِ فوق
جبين الطُّهرِ
ضياء
أحتَسِبُ الماء
أرتَقِبُ
السّاقِطَ مِن
قطراتِ الضُّوْءِ
أُجَمِّعُها
في ألفِ إناء
أتَزَكّى مِن
دنَسِ الأهواء
أتَشوَّفُ فجْرَاً
تمسَحُ فيه الشَّمسُ
جبينَ الشَّفقِ
الرّاشِحِ ألقاً
تتفتَّحُ
أكمامَ الأشياءِ
وتعبُقُ نُبلاً وصَفاء
فأراها كُلاً مُنسَجِماً
وكما تبدو
لا كيفَ أُوِدّ ُ
وكيفَ أشاء
(2)
يا ولادة َكُلِّ زمان
..................
قد يبدو أنّيَّ لن اُفلِح
مهما حاولت
لكِنيَّ أبداً لا أيأس
لا أتَحدَّى
لكِن قَطعاً لا أستَسلِم
مِن بابِ العَشَمِ الخلفي
سأُجرِّبُ حظِّي
مِن لهَفي مِن رَعشَةِ خوفي
سأُحاولُ بدَلَ المرَّةِ ألفي مرّه
وأدوسُ على قلبي ألفا
وأُحاوِلُ وأُعيدُ الكَرّه
يا عشَمَ الشَّمسِ بإشراقٍ ً
يجتاحُ العَتمةَ والدّيجور
يقتحِمُ قلاعَ الوقت
يدُكُّ حصونَ اللّيلِ
يُفَجِّرُ في الظُلماتِ النّور
يا شَوقَ البُرعُمِ للقطرات
يبِلُّ نداها ريقَ النّسمةِ
وهيَ تُقَبِّلُ ثَغرَ الوَردِ تِباعاً
في مَرَحٍ وحُبور
يا جَذوةَ أمَل ٍ
في رمضاءِ التّيهِ يحِنُّ لها
يستحلِبُها الصّادي
مِن ضِرعِ سرابٍ بالعَتمور
يا ومضةَ فألٍ بيبابِ الفِكرِ
لسُنبُلَةٍ تستأصِلُ نهَم الفاقَةِ
تُزهَق نَفـْسَ الجُوعِ
ويبقي الزَّمَنُ يدور
يا حَد الدَّهشةِ والرَّوعه
يامِسْكَ الكَلِمِ
وروحَ الفِكرَةِ والرّيحان
يا رَهَقَ الأحلامِ السَّكْرَى
النَّشوَى حَدَّ الإدمان
يا عَبَقاً قـُطِفتْ زَهرَتُهُ
من وسَطِّ رياضِ الأشجان
يا زَهوَ حُروفٍ يرهقُها
أنْ لا تتجوِّلَ بالوجدان
يا واحةَ فرَحٍ مُزهِرَةً
في قَلبِ متاهاتِ الأحزان
يا مُتجرِّدة ً النُّعمانِ
يا أُسطورةَ حُلوِّ البَوْحِ
ويا ولادة َكُلِّ زمان
ما إنْ سقَط نصيفُ الوّدِ
تأمَّل حرفي مَن ألقاهُ
وخاطرهُ عبر الأزمان
ومَن بغرور ٍقد دَلاهُ
وراودَهُ في غيرِ مكان
فهام شغوفاً ملهوفاً
وتقافزُ طرباً كالغُـزلان
(3)
كان ذلك نهار يوم الترويةِ (نهار الثّامِن من ذي الحجّة )
والحجيجُ قد شرعوا في رحلتهم المباركة إلى مِنَى
لمحتُ يمامةً بيضاء مُنفرِدَةً عن السِّرب قد عكستْ اتجاهها شرقاً
فخُيِّل إليَّ أنّها تقصُد الوطن الحبيب (الّسّودان)َ
حَجّ اليَمـَـام
.............
لَمَحْـتُ يمامَةً عَجلَـى فقُـلـتُ
بِربَّـكِ عِنـدَهـا فلتَذْكُرينـي
فقالتْ عِندَ مَنْ وطَـوتْ جَناحَـاً
تُـودَّعُ نَسمَـةً أذْكَـتْ حَنينـي
و تَحْضِنُ نَسمَـةً لِتَفِـرَّ أُخـرَى
لَوانَّـي مِثلُـهـا فتُسَابِقيـنـي
أقولُ لهـا و مِمَّنْ؟ قُلـتُ مِنِّـي
وإنَّـكِ يـا يَمامَـةُ تَعرِفيـنـي
وهَمَسَتْ وابنُ مَنْ؟قُلتُ ابن يوْمِي
فَعَنْ أمْـسٍ مَضَـى لا تَسْألينـي
أنا قَـيْسٌ بِليْـلاتِـي فُتِـنْـتُ
أهيـمُ بِعِشْقِهِـنَّ بِـلا مُجـونِ
سِوَى لَيلَى جُنِنْـتُ بهـا تَمامَـاً
وقـد جاوَزْتُـهُ حَـدَّ الجُـنـونِ
فَديتُـكِ يـا يَمـامَـةُ بَلَّغِيـهـا
ومـا أفْضَـتْ إليـكِ فبَلَّغِيني
فَإنْ نَزَلَتْ عَلَى الخَدَّيـنِ حَـرَّى
فصُبَّيها عَـلَـيَّ و حَرِّقِـيـنـي
فَخَدَّاهـا ضِفـافُ النِّيـلِ لَيْلَـى
و مَجرَى النِّيلِ جِيْـدٌ فاسْتَبِينـي
وعَينَاها تَفيـضُ لِغَيْـرِ حُـزْنٍ
بِمَـرَّةَ سَلْسَبيـلاً مِـنْ مَعِيـنِ
ذَوائِبُهـا تُخُـومُ جُوبـا بِلَـيْـلٍ
بِفودَيْهـا تَـرامَـتْ والجَبِـيـنِ
شُموخُ البَانِ في جَلَـدِ التَّبَلْـدِي
قَـوَامٌ زَانَ بالسَّمْـتِ الحَسِيْـنِ
أواسِطُها جِنـانُ الخُلـدِ حفـت
بحور قاصـرات الطـرفِ عيـنِ
تُخاصِرُها حَدائِـقُ ذاتُ بِهْجَـه
و دُوحٌ بالشَّـمَـالِ وباليَمِـيـنِ
إذا غَنَّـى كَنــارِيٌّ بِمَــدَنِـي
يُنـاغِمُهُ هَـزارٌ مِـنْ بَـدِيْـنِ
وقلـتُ لهـا وأشْواقِـي تَلَّظَـى
إذ لــم تَحْمليْها فاحْمِلـيـنـي
فقالتْ كيـف لِـي أَوَ لا تَرانِـي
تَقاذَفَنِـي الــرِّيـاحُ فَتَبتَلينـي
فَأَحيانَـاً أُبـاعُ إلـى غَـمـام
ٍفيزْهَـدُ والسَّمائِـمُ تَشـتَريْنـي
وأَحْيَانَـاً تُهَادِيـنِـي كَـزُغْـبٍ
مَهيـضٍ أو تثُـورُ فتَـقْتَوينـي
وطُـوراً أستغيـثُ ولا أُغــاثُ
فأَهْـوِي والحَبائِـلُ تَحتَويـنـي
فقلـتُ تَدَلَّلِـي لـنْ تخدَعينـي
لمَحْـتِ صَبابَتـي و تُعابِثينـي
فَقَـط تنْويْـنَ ثُـمَّ لِتُحْرِمِيْـنَ
فقالـتْ ليـسَ بالبَلـدِ الأَميـنِ
فقلـتُ لهـا وأَيْـمُ اللهِ إِنَّــه
وإنَّـكِ تَحــْرُمِيْـنَ فطَوِّفِينـي
(بأُمدُرمَانَ) أوْسَـطِ عِقْـدِ لَيْلَـى
أُحَيِّيْـهَـا بِبَـاقَـةِ يـاسـَمينِ
نُقِيلُ و ترشُفيْـنَ الأمْـنَ عَذْبَـاً
زُلالاً ثُـمَّ نمْضِـي عَلَـى يَقِيـنِ
لِعاصِمَةِ الجَمـالِ عَلَـى نَجِيْـلٍ
بمُقـْرَنِهـا القِنِـي أوْ قَرَّنِينـي
ولقيتُــكم فازدَدتُ إدهاشــاً بِكُـم
صِـدقاً اخي هاشِـم لقَد أبهرتَني
وسَحرتني حتى ابتُليتُ بِحُبِّــكم
ورشَفتُ من دنِّ التّماهي علّني
أُعـدى بكم فسكِرتُ من آدابِكـم
ولِمستُ فيك سماحَةً ورَحـابَةً
ومهــــابةً لا تنبــــغي إلا لكُـــم
....
في رحاب دار الرّوائع .. مُبدعـين من كل لـون
بينَ صَـداحٍ و ســاجِع .. دغدَغوا الوترَ الحنون
وبى نغَم حالِـم ورائع .. طرّزوا الليل والسّكون
وهكذا الإبداع يكون
ليله مشهوده وعجيبه .. كانتْ أشبه بالخُرافه
كانتْ الأفـلاك قــريبه .. للأرض مافيش مسافه
دونمــا شَــكّ ٍ وريبه .. خـالده بل كانتْ إضـافه
وتبقى مرجع للفنون
ليله مافيش تاني أبدع .. زي عروس ليلة زفافه
والنّجاح فن التّواصل .. باختــــزالات المســـافه
والفلاح حُسن التّعامُل .. مهما كان قَدر الإضافه
ومثل هذا لن يكون
...................................................................................................
مَن أنا ؟
...
أنا روحٌ لها ألفا جَناحٍ
تُحَلِّقُ حُرَّةً بِرضىً ورِقَّه
أنا قلبٌ تَقَسَّمَ بالتَّساوي
ليُهدي كُلَّ مَن في الأرضِ خَفْقَه
أنا عِرْقٌ تَفَجَّرَ كي يُداوي
ويُعطي كُلَّ مُحتاجٍ لِدَفقَه
أنا إرثٌ لأيتامِ الوَفاءِ
لِمَنْ زَفَروا الرَّجا أَمَلٌ وشَهْقَه
أنا وطَنٌ وللأضَّادِ سَكَنٌ
لِمَنْ حُرِموا ومَن ورثوا المَشَقَّه
مصاريعي مُفَتَّحةٌ وقلبي
بِلا بابٍ يُكَلِّفُ نِصْفَ دَقَّه
إذا ضاقَ الشّيوعُ تقَسَّموني
فيأخُذُ كُلُّ مَن في الأرضِ حَقَّه
....................
\
اخترتُ لكَ من الفصيح
(1)
نَقْشٌ على
حواشي الخاطِرة
...............
رَهَقٌ وسراب
أتعبني الرّكضُ
فدعني
ألتَقِطُ الأنفاس
لأُجَمِّعَ فَضْلَ
رحيق الحِكمَةِ
مِن مُتأرِّجِ
وردِ الإحساس
وألُمَّ فُتاتَ الفِكرِةِ
مِن مُتناثِر
سَقْطِ ذكاءِ النّاس
وأعِرني
الرؤيَةَ والإزميلَ
ليَخْلُد فَنُّكَ
يا فِدياس
ولأنحتَ إبداعاً مُلهِم
أُهديهُ لأروِقَةِ
المِربَد ولِكُبرى
ساحاتِ يتوبيا
وأُلَوِّنَ أنفاسَ المشْهَد
وأُكَحِلَ عينَ
شموخِ الفِكرالحُرِّ الفَذّ
فلا تَرمَد
وأُزيّنَ جيدَ
حروفٍ
تحمِلُ جيناتي
وبِها تَصْعَد
لِتَزُفَّ الفِكرَةَ
للمَنطِق
ولكيما
فَجرُكَ يتجَدَّد
جَرِّدْ إزميلَكَ
يا فِدياسُ
وعَلِّمني
كي أنحتَ تمثالاً
لسُمُوَّ
ونُبْلِ الأخلاقِ
لربيعِ النّفسِ
لجَلوَتِها
لخريف
الأدَبِ الدَّفاقِ
أصقِلُهُ
ثُمَّ أُجليهُ
وبلونِ الحُبِّ
أُزَيِّنُهُ وأُجَمِّلُهُ
وأُوَشِّيهُ
أتَحَسَّسُ
خيط النّورِ
السّارِقِ جذوتَهُ
مِن ومْضِ عيونٍ
تشتعِلُ ذكاء
أتتَبّعُ دَفقَ النّبْعِ
السّاكِبِ فوق
جبين الطُّهرِ
ضياء
أحتَسِبُ الماء
أرتَقِبُ
السّاقِطَ مِن
قطراتِ الضُّوْءِ
أُجَمِّعُها
في ألفِ إناء
أتَزَكّى مِن
دنَسِ الأهواء
أتَشوَّفُ فجْرَاً
تمسَحُ فيه الشَّمسُ
جبينَ الشَّفقِ
الرّاشِحِ ألقاً
تتفتَّحُ
أكمامَ الأشياءِ
وتعبُقُ نُبلاً وصَفاء
فأراها كُلاً مُنسَجِماً
وكما تبدو
لا كيفَ أُوِدّ ُ
وكيفَ أشاء
(2)
يا ولادة َكُلِّ زمان
..................
قد يبدو أنّيَّ لن اُفلِح
مهما حاولت
لكِنيَّ أبداً لا أيأس
لا أتَحدَّى
لكِن قَطعاً لا أستَسلِم
مِن بابِ العَشَمِ الخلفي
سأُجرِّبُ حظِّي
مِن لهَفي مِن رَعشَةِ خوفي
سأُحاولُ بدَلَ المرَّةِ ألفي مرّه
وأدوسُ على قلبي ألفا
وأُحاوِلُ وأُعيدُ الكَرّه
يا عشَمَ الشَّمسِ بإشراقٍ ً
يجتاحُ العَتمةَ والدّيجور
يقتحِمُ قلاعَ الوقت
يدُكُّ حصونَ اللّيلِ
يُفَجِّرُ في الظُلماتِ النّور
يا شَوقَ البُرعُمِ للقطرات
يبِلُّ نداها ريقَ النّسمةِ
وهيَ تُقَبِّلُ ثَغرَ الوَردِ تِباعاً
في مَرَحٍ وحُبور
يا جَذوةَ أمَل ٍ
في رمضاءِ التّيهِ يحِنُّ لها
يستحلِبُها الصّادي
مِن ضِرعِ سرابٍ بالعَتمور
يا ومضةَ فألٍ بيبابِ الفِكرِ
لسُنبُلَةٍ تستأصِلُ نهَم الفاقَةِ
تُزهَق نَفـْسَ الجُوعِ
ويبقي الزَّمَنُ يدور
يا حَد الدَّهشةِ والرَّوعه
يامِسْكَ الكَلِمِ
وروحَ الفِكرَةِ والرّيحان
يا رَهَقَ الأحلامِ السَّكْرَى
النَّشوَى حَدَّ الإدمان
يا عَبَقاً قـُطِفتْ زَهرَتُهُ
من وسَطِّ رياضِ الأشجان
يا زَهوَ حُروفٍ يرهقُها
أنْ لا تتجوِّلَ بالوجدان
يا واحةَ فرَحٍ مُزهِرَةً
في قَلبِ متاهاتِ الأحزان
يا مُتجرِّدة ً النُّعمانِ
يا أُسطورةَ حُلوِّ البَوْحِ
ويا ولادة َكُلِّ زمان
ما إنْ سقَط نصيفُ الوّدِ
تأمَّل حرفي مَن ألقاهُ
وخاطرهُ عبر الأزمان
ومَن بغرور ٍقد دَلاهُ
وراودَهُ في غيرِ مكان
فهام شغوفاً ملهوفاً
وتقافزُ طرباً كالغُـزلان
(3)
كان ذلك نهار يوم الترويةِ (نهار الثّامِن من ذي الحجّة )
والحجيجُ قد شرعوا في رحلتهم المباركة إلى مِنَى
لمحتُ يمامةً بيضاء مُنفرِدَةً عن السِّرب قد عكستْ اتجاهها شرقاً
فخُيِّل إليَّ أنّها تقصُد الوطن الحبيب (الّسّودان)َ
حَجّ اليَمـَـام
.............
لَمَحْـتُ يمامَةً عَجلَـى فقُـلـتُ
بِربَّـكِ عِنـدَهـا فلتَذْكُرينـي
فقالتْ عِندَ مَنْ وطَـوتْ جَناحَـاً
تُـودَّعُ نَسمَـةً أذْكَـتْ حَنينـي
و تَحْضِنُ نَسمَـةً لِتَفِـرَّ أُخـرَى
لَوانَّـي مِثلُـهـا فتُسَابِقيـنـي
أقولُ لهـا و مِمَّنْ؟ قُلـتُ مِنِّـي
وإنَّـكِ يـا يَمامَـةُ تَعرِفيـنـي
وهَمَسَتْ وابنُ مَنْ؟قُلتُ ابن يوْمِي
فَعَنْ أمْـسٍ مَضَـى لا تَسْألينـي
أنا قَـيْسٌ بِليْـلاتِـي فُتِـنْـتُ
أهيـمُ بِعِشْقِهِـنَّ بِـلا مُجـونِ
سِوَى لَيلَى جُنِنْـتُ بهـا تَمامَـاً
وقـد جاوَزْتُـهُ حَـدَّ الجُـنـونِ
فَديتُـكِ يـا يَمـامَـةُ بَلَّغِيـهـا
ومـا أفْضَـتْ إليـكِ فبَلَّغِيني
فَإنْ نَزَلَتْ عَلَى الخَدَّيـنِ حَـرَّى
فصُبَّيها عَـلَـيَّ و حَرِّقِـيـنـي
فَخَدَّاهـا ضِفـافُ النِّيـلِ لَيْلَـى
و مَجرَى النِّيلِ جِيْـدٌ فاسْتَبِينـي
وعَينَاها تَفيـضُ لِغَيْـرِ حُـزْنٍ
بِمَـرَّةَ سَلْسَبيـلاً مِـنْ مَعِيـنِ
ذَوائِبُهـا تُخُـومُ جُوبـا بِلَـيْـلٍ
بِفودَيْهـا تَـرامَـتْ والجَبِـيـنِ
شُموخُ البَانِ في جَلَـدِ التَّبَلْـدِي
قَـوَامٌ زَانَ بالسَّمْـتِ الحَسِيْـنِ
أواسِطُها جِنـانُ الخُلـدِ حفـت
بحور قاصـرات الطـرفِ عيـنِ
تُخاصِرُها حَدائِـقُ ذاتُ بِهْجَـه
و دُوحٌ بالشَّـمَـالِ وباليَمِـيـنِ
إذا غَنَّـى كَنــارِيٌّ بِمَــدَنِـي
يُنـاغِمُهُ هَـزارٌ مِـنْ بَـدِيْـنِ
وقلـتُ لهـا وأشْواقِـي تَلَّظَـى
إذ لــم تَحْمليْها فاحْمِلـيـنـي
فقالتْ كيـف لِـي أَوَ لا تَرانِـي
تَقاذَفَنِـي الــرِّيـاحُ فَتَبتَلينـي
فَأَحيانَـاً أُبـاعُ إلـى غَـمـام
ٍفيزْهَـدُ والسَّمائِـمُ تَشـتَريْنـي
وأَحْيَانَـاً تُهَادِيـنِـي كَـزُغْـبٍ
مَهيـضٍ أو تثُـورُ فتَـقْتَوينـي
وطُـوراً أستغيـثُ ولا أُغــاثُ
فأَهْـوِي والحَبائِـلُ تَحتَويـنـي
فقلـتُ تَدَلَّلِـي لـنْ تخدَعينـي
لمَحْـتِ صَبابَتـي و تُعابِثينـي
فَقَـط تنْويْـنَ ثُـمَّ لِتُحْرِمِيْـنَ
فقالـتْ ليـسَ بالبَلـدِ الأَميـنِ
فقلـتُ لهـا وأَيْـمُ اللهِ إِنَّــه
وإنَّـكِ تَحــْرُمِيْـنَ فطَوِّفِينـي
(بأُمدُرمَانَ) أوْسَـطِ عِقْـدِ لَيْلَـى
أُحَيِّيْـهَـا بِبَـاقَـةِ يـاسـَمينِ
نُقِيلُ و ترشُفيْـنَ الأمْـنَ عَذْبَـاً
زُلالاً ثُـمَّ نمْضِـي عَلَـى يَقِيـنِ
لِعاصِمَةِ الجَمـالِ عَلَـى نَجِيْـلٍ
بمُقـْرَنِهـا القِنِـي أوْ قَرَّنِينـي